منذ أكثر من قرنين، ساهمت الآلات بدعم الثورة الصناعية الأولى فتضاعفت مستويات الإنتاج. ومع تقدم الوقت أصبحت الآلات تحل محل البشر في العديد من المهام، مما يتيح للإنسان الوقت لتنفيذ مهام أكثر قيمة والتفكير والإبداع دون التأثير على مستوى الإنتاج.
أتمتة العمليات الآلية (RPA) هي أتمتة المهام الأساسية بواسطة روبوتات البرامج، مثل إكمال النماذج عبر الإنترنت وتسجيل البيانات تلقائيًا، دون تدخل بشري – وهو إنجاز ضخم للإنتاجية.
وبفضل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، يمكن لهذه البرامج الآلية أن تصل إلى حد الاستجابة لرسائل البريد الإلكتروني واستفسارات الرسائل من قبل العملاء دون خطأ، وقد تم بالفعل إدخال التكنولوجيا في بعض أكبر البنوك والشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة – مما خفض التكاليف إلى حد كبير. يمكن لبرنامج إدارة العلاقات مع الزبائن، مساعدة شركات التكنولوجيا المالية، مثل “انفيستيرا”، في إدارة البيانات والتفاعلات الخارجية أثناء دورة حياة العميل.
أثر مضاعف لأتمتة العمليات الآلية
وفقًا للأبحاث التي أجرتها شركة الخدمات المهنية العالمية “أكسنتشر”، فقد شهدت منظمات المشتريات التي أدخلت أتمتة العمليات الآلية زيادة في الإنتاج بنسبة 40 % ، وخفض في تكاليف التشغيل بنسبة 65% ، بالإضافة إلى زيادة 43% في استبيانات رضا الموظفين.(1)
أما للمشتريات والقطاع المالي، فإنّ الخطوة التالية في أتمتة المهام ستكون تكنولوجيا آلات الحوسبة الإدراكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، حيث ستكون قادرة على تنفيذ مهام معقدة وأنشطة استراتيجية مثل اختيار الموردين عبر استخراج البيانات من النصوص والصور أو حتى الصوت (2) .
في حقيقة الأمر، ستحوّل أتمتة العمليات الآلية وجه القوى العاملة كما نعرفه اليوم. ففي ظل تقدم نظام الأتمتة الآلية ودخول الذكاء الاصطناعي إلى العمليات التجارية والمالية، ستختفي تدريجياً أنظمة الإسناد الخارجي للعديد من الشركات الكبيرة خصوصاً في الولايات المتحدة، حيث يقول مايكل هنري، المدير الاستشاري لشركة “كي بي أم جي” أن “أتمتة العمليات الآلية تعني نهاية الإسناد الخارجي كما نعرفه”.
يمكن لروبوتات الحوسبة – مثل معالجة اللغة الطبيعية والتعرف على الكلام والتعلّم الآلي – تنفيذ مهام واتخاذ قرارات تقديرية أو تقييمية وذلك باستخدام التقنيات الإدراكية. بذلك تصبح أتمتة العمليات الآلية خيارًا أكثر جاذبية للشركات التي تسعى إلى زيادة الإنتاج إلى الحد الأقصى نظرًا إلى أن الإسناد الخارجي أكثر تكلفة ويواجه تحديات كثيرة من أهمها المحافظة على الموظفين!
وفقًا لتقرير شركة “كي بي ام جي” الاستشارية لعام 2016، فإنّ أتمتة العمليات الآلية تخفّض تكاليف الخدمات المالية بنسبة % (3). ووفقًا لتقرير آخر، فقد وظف مصرف كبير برامج آلية في فروعه المختلفة للتعامل والإجابة على ما يصل إلى 1.5 مليون طلب سنويًا، فما كان يكلّف المصرف رواتب 230 موظفاً بدوام كامل اقتصر على 30% فقط من هذا المبلغ بمساعدة البرمجة الآلية. بالإضافة إلى خفض التكاليف، تمّ تقليل الخطأ البشري 27%(4).
تساهم أتمتة العمليات الآلية أيضًا بزيادة سعادة العملاء إذ أنّه يتمّ تلبية مطالبهم على الفور. فوفقًا للتقرير نفسه، وظفت شركة نقل روبوتات للرد على الرسائل الالكترونية، فبمجرّد أن تصل شكوى عبر البريد، يقوم الروبوت بالتعرف على ملف العميل ومساعدته فيما يحتاج. فاستجابت الروبوتات لرسائل البريد الإلكتروني للعملاء وأعادت في بعض الحالات مبالغ مستحقّة، ما جعل العمليّة بأكملها مؤتمتة ما قلّص العمل اليدوي ووقت المعالجة اليومي بنسبة 85%.
بدأت الشركات العالمية الكبيرة بتبني نظام الروبوتات والأتمتة الآلية للعمليات للحد من الأخطاء البشرية وخفض التكاليف وزيادة الكفاءة ورضا العملاء. يتابع نظام أتمتة العمليات الآلية كل خطوة من العمليات التشغيلية، ويعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ويحسن رضا الموظفين عبر تولي المهام اليدوية المتكررة، فتوفر الوقت على الموظفين لتنفيذ المهام الأكثر قيمة – مما يضمن رضى كل من له علاقة بالمهام المؤتمتة من إدارة وموظفين وعملاء!
إذا كنت مهتمًا بالطريقة التي تحول بها التقنيات الناشئة العمليات المالية، تعرف على دور التكنولوجيا المالية في إعادة تشكيل البنوك من خلال هذه المصادر.
المصادر:
[1] Accenture
[2] Deloitte
[3] KPMG
[4] Deloitte