الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا المالية، “البلوك تشين” أو سلسلة الكُتل: هذه بعض من التقنيات التي شكّلت طفرةً في الآونة الأخيرة وهي بصدد تحويل حياتنا يومًا بعد يوم. لقد دفعت التأثيرات الكبيرة للتكنولوجيا المالية والتي أدّت إلى تغيير قواعد اللعبة في القطاع البنكي التقليدي وصولًا إلى إحداث تحول جذري في خدمات الدفع، اليوم بالمُتخصصين في القطاع إلى التساؤل حول التوجهات الكبيرة القادمة في قطاع تكنولوجيا المالية.
اختبار التكنولوجيا المالية على الصعيد العالمي في عام 2018
وفقًا لشركة “برايس ووترهاوس كوبرز” PwC، فإن آلية “ساندبوكس” أو “صندوق الرمل” (التي تم استحداثُها لمساعدة الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا المالية في اختبار مُنتجاتها في السوق) تُعدّ بيئةً يُمكن أن يجتمع فيها المُبتكرون والمُختبرون لتجربة وتقليد تكنولوجيا جديدة للتحضير والوقوف على أي أوجه قصور.
تم إنشاء “ساندبوكس” عالمي أُطلق عليه اسم الشبكة العالمية للابتكار المالي في 7 أغسطس 2018 بالتعاون مع مع 12 من الهيئات التنظيمية والمؤسسات المالية لدعم الابتكار في التقنيات الناشئة. ويشمل أعضاء الشبكة هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة وسوق أبوظبي المالي.
كما أطلقت الهيئة النقدية في سنغافورة صندوق “ساندبوكس” في وقت سابق من العالم الحالي لتشجيع الابتكار في التكنولوجيا المالية، بينما كانت الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة الأمريكية تُرحب بالشركات المُتخصصة في التكنولوجيا المالية حيث بدأ مكتب مراقبة العُملة بالفعل في قبول طلبات شركات التكنولوجيا المالية لوضع ميثاق بنكي للقطاع.
اتجاهات التكنولوجيا المالية لعام 2019
الخدمات المصرفية الرقمية
تُوصي شركة “ديلويت” في تقريرها الأخير البنوك بإعطاء الأولوية لتحديث الامتثال في عام 2019 من خلال جعل الأنظمة التنظيمية أكثر كفاءةً. ويتوقع التقرير نفسه أن المزيد من البنوك ستدخل مجال التكنولوجيا المالية عبر نهج الشراكات أو عن طريق إطلاق البنوك الرقمية.
تم إطلاق أول بنك رقمي في دولة الإمارات من قبل بنك الإمارات دبي الوطني، لتقديم خدمات بنك نمط الحياة الرقمية المُخصّصة لعملائه من جيل الألفية، فيما يقدم أيضًا “الخدمات المصرفية التّحادُثية” التي يُمكن من خلالها للعملاء التواصل مع موظفي البنك من خلال التطبيق الخاص. وبالإضافة إلى ذلك، يُمكن للعملاء إجراء التحويلات المصرفية على الفور.
زيادة الطلب على خدمات التكنولوجيا المالية
على الرغم من أن النواحي التنظيمية قد تُشكل تحديًا للتكنولوجيا المالية، إلا أنه من المُتوقع أن يزداد الطلب على الخدمات المصرفية للأفراد وخدمات إدارة الثروات بشكل كبير خلال الأعوام المقبلة، وفقًا لما ذكرته شركة “برايس ووترهاوس كوبرز” PwC. ويحُثُّ نفس التقرير البنوك على التعاون مع الوسطاء الرقميين لتقديم خدماتهم بتكلفة أقل ومن خلال وسائل سهلة الاستخدام، حيث أصبح المُستهلكون أكثر ذكاءً وتمرُّسًا فيما يتعلق بالجوانب التقنية.
تعميم عمليات الدفع الرقمي
على الرغم من غياب أية علامات تُشير إلى قرب الاستغناء عن النقود الورقية بشكل كامل في عام 2019، غير أنه من المُتوقع أن تتّبع المزيد من الشركات ومن المستهلكين نهج الدفع الرقمي. ومع وجود خدمات مثل “آبل باي” و”سامسونغ باي”، يميل المزيد من الأفراد إلى التحول إلى عمليات الدفع الرقمي والاستغناء عن الأوراق المالية الورقية.
أفكار لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار
نظرًا لأن التكنولوجيا سريعة الخطى، ولما تتّسم به الخدمات التكنولوجية من قدرة على التكيّف مع سلوك المستهلك وتفضيلاته، يُصبح من الضروري في إطار التحضير للأعوام القادمة، الاطلاع على اتجاهات سوق التكنولوجيا المالية.
بإمكان الشركات الاستفادة من برمجيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الجديدة لتلبية احتياجات المُستهلكين مع تزايد الطلب الاستهلاكي على الخدمات المُأتمتة. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن للشركات شخصنة مُنتجاتها وخدماتها كما تفعل “إنفيستيرا”، التطبيق الخاص بإدارة الاستثمارات الذي تم تصميمه بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي من خلال السماح للعملاء بأتمتة العمليات وفقًا لتفضيلاتهم، وتصميم مسارات تدفقات عمل مُشخصنة، وإعداد برمجيات مُكيّفة خصيصًا وفقًا لمواصفاتهم.
يجب على التكنولوجيا أن تُحافظ على نسق الابتكار والتحديث لمواكبة الطلب الاستهلاكي، ويمكن للشركات التي تواكب توجهات سوق التكنولوجيا المالية اكتساب ميزة تنافسية من خلال التكيف مع هذه الاتجاهات ووفقًا لها.